1. النوع الأول: من يتكبر بملكه ومكانته الاجتماعية وذلك في الرؤساء والملوك، حيث يقوي هذا الكبر ويعظم بكثرة مديح المتقربين وإطراء المتملقين.

وقد قيل قديماً: عجباً لمن قيل فيه الخير وليس فيه .. فكيف يفرح ؟! ومن قيل فيه الشر وهو فيه .. كيف يغضب ؟!

والله تبارك وتعالى بَيْنَ أن الملك والحكم دول بين الناس فلا يغتر أحد بها حيث قال تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ ( آل عمران: 26 )



2. النوع الثاني: من يتكبر بماله وهؤلاء مغفلون جاهلون ; لأنه لو أعمل عقله لعلم أن المال عارية يمكن أن تؤخذ منه في أي لحظة.

والدليل على ذلك قصة صاحب الجنتين التي أخبر الله تعالى بها في القرآن الكريم في سورة الكهف التي من المفترض أن يقرأها كل مسلم أسبوعيا ويتعلمها جيداً ويعي ما بها من مواعظ.

حيث الذي دخل جنته وهو ظالم لنفسه قال: ﴿ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا ﴾ ( الكهف: 35 ) فماذا حدث له ولجنته ؟! أرسل الله عليها حسباناً من السماء فماذا حدث لها ؟! أصبحت خاوية على عروشها، أما هو فقد تحسر فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها.

وأيضاً قصة قارون الذي آتاه الله من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة، قالوا له وهو في قمة زينته: أحسِن كما أحسَن الله إليك، فبخل واستغنى وكذب وخادع وقال: إنما أوتيته على علم عندي، فماذا كان جواب ربه ؟! فخسفنا به وبداره الأرض.



3. النوع الثالث: من يتكبر بقوته وصحته وهذا رجل غافل ; لأن القوة ليست هي مقياس الشرف بين الناس، وهل قوة هذا الرجل تكافئ قوة أسد أو نمر ؟! ولو كانت القوة هي المقياس لاستحق الأسد أن يكون مديراً والنمر أن يكون نائباً، ولكن المدار على العقل فبه يصل الإنسان إلى معرفة ربه وخالقه وبه يسير بين الناس سيراً حسناً، وهو الذي يجنب صاحبه المضار والمهالك، ولقد نُسب لعلي بن أبي طالب هذه الأبيات:

إن المكارم أخلاق مطهرة .. العقل أولها والدين ثانيها
والعلم ثالثها والحلم رابعها .. والجود خامسها والعرف ساديها
والبر سابعها والصبر ثامنها .. والشكر تاسعها واللين عاشيها

فانظر هنا أنه لم يذكر القوة والفتوة من مكارم الأخلاق، ولذلك يجب على العاقل ألا يغتر بقوته وليعلم أن الصحة يمكن أن تؤخذ منه في أي لحظة.



4. النوع الرابع: من يتكبر بعلمه وأجدر بهذا أن يسمى جاهلاً ; لأن العلم إن لم يزد صاحبه تواضعاً وخشية فليس بعلم نافع.

حيث أن العلم علمان: علم على اللسان - وعلم في القلب، فأما الذي على اللسان فهو حجة الله على خلقه، وأما الذي في القلب فهو الخشية، وقد قيل:

يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ .. هَلا لِنَفسِكَ كانَ ذا التَعليمُ
تَصِفُ الدَّواءَ لِذي السَّقامِ وَذي الضَّنا .. كيما يَصحّ بِهِ وَأَنتَ سَقيمُ
وَتَراكَ تُصلِحُ بالرشادِ عُقولَنا .. أَبَداً وَأَنتَ مِن الرَّشادِ عَديمُ
فابدأ بِنَفسِكَ فانهَها عَن غَيِّها .. فَإِذا اِنتَهَت عَنهُ فأنتَ حَكيمُ
فَهُناكَ يُقبَلُ ما تَقولُ وَيَهتَدي .. بِالقَولِ منك وَينفَعُ التعليمُ
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتأتيَ مِثلَهُ .. عارٌ عَلَيكَ إِذا فعلتَ عَظيمُ



5. النوع الخامس: من يتكبر بجماله وحسن صورته وهذا أكثر ما يكون في النساء ولو عقلت المتكبرة لعلمت أن الجمال من نصيب الدود، ولو تخيلت صورتها بداخل القبر بعد ما أكل الدود لحومها وعينها ومنخارها لرأت منظراً مرعباً مخيفاً، بل هذا الجمال في الدنيا أيضاً معرض للآفات والأمراض فكم من مرض ترك الجميلة شوهاء، والفاتنة نكراء فينفر منها الناس بعد ما كانوا يتلهفون على رؤيتها، وقد قيل:

يا مُظهِرَ الكِبرِ إعجابًا بصُورتِهِ .. انظُرْ خَلاءَك إنَّ النَّتْنَ تثريبُ
لو فكَّر النَّاسُ فيما في بطونِهِم .. ما استشعَرَ الكِبرَ شُبَّانٌ ولا شِيبُ
هل في ابنِ آدَمَ مِثلُ الرَّأسِ مَكرُمةً .. وهو بخَمسٍ من الأقذارِ مضروبُ
أنفٌ يسيلُ وأذنٌ ريحُها سَهَكٌ ( السَّهَكُ: ريحٌ كريهةٌ ممَّن عَرقَ ) .. والعَينُ مُرمِصةٌ ( مُرمِصةٌ: الرَّمَصُ: وَسَخٌ جامِدٌ يجتَمِعُ في الموقِ ) والثَّغرُ ملعوبُ ( وثَغرٌ ملعوبٌ: ذو لُعابٍ )
يا ابنَ التُّرابِ ومأكولَ التُّرابِ غدًا .. أقصِرْ فإنَّك مأكولٌ ومَشروبٌ ( أدب الدنيا والدين )

جزاك الله خيراً

AsHeK EgYpT كتب:جزاك الله خيراً

تشرفت بمرورك

جزاك الله خيرا

رائع احسنت النشر

عبد الله كتب:جزاك الله خيرا

تشرفت بمرورك

حياة القلوب كتب:رائع احسنت النشر

نورتي اختي